من الأدعية المأثورة عن سيدي محمد بن عزوز البرجي رضي الله عنه:   اللهم ارحمني إذا وَاراني التُراب، ووادعنا الأحباب، وفَارقنا النَّعيم، وانقطع النَّسيم، اللهم ارحمني إذا نُسي اسمي وبُلي جسمي واندرس قبري وانقطع ذِكري ولم يَذكرني ذَاكر ولم يَزرني زَائر، اللهم ارحمني يوم تُبلى السرائر وتُبدى الضمائر وتُنصب الموازين وتُنشر الدواوين، اللهم ارحمني إذا انفرد الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير، فاجعلني يا رب من أهل الجنة ولا تجعلني من أهل السعير، اللهم لا تجعل عيشي كدا ولا دُعائي ردا ولا تجعلني لغيرك عبدا إني لا أقول لك ضدا ولا شريكا وندا، اللهم اجعلني من أعظم عبادك عندك حظا ونصيبا من كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها، برحمتك إنك على كل شي قدير، أصبحنا وأصبح كل شيء والملك لله، والحمد لله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعلام الطريقة الرحمانية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعلام الطريقة الرحمانية. إظهار كافة الرسائل

ترجمة سيدي مصطفى بن عبد الرحمن باش تارزي

هو العالم العلامة الشيخ الإمام المحقق المدرس المفتي الولي الصالح نخبة الفضلاء وواسطة عقد النبلاء سيدي مصطفى بن عبد الرحمن بن أحمد بن حمودة بن مامش المعروف بباش تارزي القسنطيني الجزائري، ولد بمدينة قسنطينة في تاريخ لا نعلمه، نشأ بها وتعلم على يد والده الشيخ عبد الرحمن باش تارزي، وواصل مسيرة والده في الدعوة إلى الطريقة الرحمانية بزاويتهم بقسنطينة وجاء بعده ابنه الشيخ محمود، ثم خلفه ابن عمه الشيخ محمد بن محمد بن عبد الرحمن، ثم جاء بعده الشيخ الحاج السعيد بن أحمد باش تارزي (ت 1911م)، وخلفه على رئاسة الزاوية الحاج أحمد باش تارزي (ت 1917م)، ويتولى مشيختها حاليا الأستاذ الفاضل محمد الشريف باش تارزي من سلالة العلامة الشيخ عبد الرحمن باش تارزي رضي الله عنهم أجمعين.

أوصافه رضي الله عنه:

كان رضي الله عنه عالما فقيها زاهدا متصوفا، وقد وصفه سيدي أبي القاسم الحفناوي في كتابه تعريف الخلف برجال السلف أنه كان أعجوبة أوانه علما وحفظا وورعا وديانة حاملا للواء المذهب الحنفي في عصره ممتلئا من علمي المعقول والمنقول عارفا بعلوم الفلك لا يشاركه فيه غيره شاعرا مجيدا، تولى القضاء والتدريس والإفتاء في مدينة قسنطينة بجامع سوق الغزل ثم بجامع القصبة و بعدها بجامع سيدي الكتاني، ومن من أشهر الذين أخذوا عنه الطريقة الرحمانية الشيخ محمد بن عيسى الشاذلي.

- مؤلفاته:



ترك العلامة سيدي مصطفى باش تارزي قدس الله سره العديد من المؤلفات والآثار العلمية التي تدل على مقدرته و علمه الغزير منها ما هو مطبوع و منها ما هو مخطوط، لعل أشهرها رسالته النفيسة والموسومة بــ «المنح الربانية في بيان المنظومة الرحمانية» وهي شرح لمنظومة والده في الطريقة الرحمانية وشروطها وأركانها وآدابها قام بشرحها رضي الله عنه شرحا مفصلا وافيا حتى أصبحت مرجعا في أصول الطريقة الرحمانية الخلوتية في الجزائر وحتى خارجها، تقع في 120 ورقة، وقد طبعت لأول مرة بتونس بالمطبعة الرسمية ككتاب على نفقة الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي سنة 1307هـ.
له أيضا منظومة «صل يا ذا الجلال و سلم على *** المصطفى و أله و كل من تلا ..» قام بشرح هذه المنظومة العلامة الشيخ سيدي عبد القادر المجاوي وسماها بـ «مواهب الكبير المتعال» وقد طبع هذا الكتاب طبعة حجرية بدون ذكر للمطبعة ولا تاريخ الطبع.
أيضا رسالة «الجوهر المنظوم»، وشرح منظومة أبي زيد سيدي عبد الرحمن في الحساب، ورسالة «تحفة الناظرين في إبطال القول بنقض الحكم بصحة الوقف بعد موت الواقفين» ورسالة «تحرير المقال في مسألة الانتقال» على مذهبه، ورسالة «جواب عن سؤال»... وغيرها من المؤلفات.

~*~*~*~*~*~

- كما لديه عدة دواوين وقصائد شعرية نورد واحدة منها وهي في مدح الشيخ سلطان الأولياء وفخر الجزائر المحروسة سيدي عبد الرحمن الثعالبي قدس سره، وسمها «ببحر الفضائل» يقول فيها:

قفْ بالضّريح ضريحِ مَجلى الدانِ *** شـيخِ الطّريقة عابد الرّحمنِ

بحر الفضائل والفواضل والوفا *** نـورِ البصائر نزهة الأعـيان

علمِ الهدى مُزْنِ المعارف والنّدى *** تُنـبـيك عـنه جواهرُ الإحسانِ

عُدَّتْ له في العالمين مناقبٌ *** جلّتْ فلا تُنسَى مدى الأزمان

هو في سما العلياءِ يسطع نورُهُ *** أنّى لهُ فـي عصرِه مـن ثان

مُجلي الصّدا عـن كلّ لـبِّ إنّهُ *** نـورٌ يضـيء دُجُنّةَ الأحزان

حاز المكارمَ والفـوائد وانتهى *** لأقاصـيَ الـمِضمار والمـيدان

ورعٌ صـبورٌ زاهدٌ متآزرٌ *** بـمكـارمٍ أعـيـتْ ذوي الإحسان

بشـرى لرمسٍ ضمَّهُ وثـوى بهِ *** حَفّت عـلـيـه لطائفُ المنّان

دامت عليه من الإله تحيّةٌ *** مـا ماس حادي العـيسِ بالألحان

وفاته:

توفي رضي الله عنه بمدينة قسنطينة شهيدا بالطاعون سنة 1252هـ / 1836مـ ، ودفن في المقبرة العليا بسوق الغزل، ويسمى الممر باسمه إلى يومنا هذا بـ: "ممر باش تارزي".

مصادر الترجمة:

تعريف الخلف برجال السلف للحفناوي- معجم أعلام الجزائر لعادل نويهض- معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة- موسوعة الشعر الجزائري لـ الربعي بن سلاقة وآخرون دار الهدى مليلة 2002- نفح الأزهار في منتخبات الأشعارلـ شاكر البتلوبي، تصحيح : إبراهيم اليازجي (ط3) المطبعة الأدبية بيروت 1886م.

وعلى شبكة الإنترنت/

1- موقع معجم البابطين لشعراء العربية في القرن التاسع عشر والعشرين.
2- موقع الطريقة الرحمانية بقسنطينة.
تكملة الموضوع

محمد بن عزوز البرجي (1170هـ -1232هـ)


هو الولي الأكبر والقطب الأشهر الشيخ سيدي محمد بن عزوز ...

ولد رضي الله عنه بالبرج (برج بن عزوز حاليا) من واحات بسكرة في حدود سنة 1170 هـ ، ربي في حجر والده الولي الصالح سيدي أحمد بن يوسف، وحفظ القرآن العظيم واشتغل بتحصيل العلم، فأخذ منه بغية حتى تحصل في المعقول ،وألف تآليف مفيدة ، منها رسالة عالية في (قواطع المريد ) و (شرح على التلخيص) وغيرهما، ثم اشتاقت نفسه لعلم الباطن، فرحل لزيارة الشيخ الأكبر: سيدي محمد بن عبد الرحمان الأزهري ( صاحب الطريقة الرحمانية )، فأخذ عنه الطريقة وأدخله الخلوة ، وفي تلك المدة خفت عن والدت أخباره حيث لا بريد ولا تلغراف ، واشتد شوقها إليه وقلقها عليه، فصعدت سطح دارها ونادته بثلاثة أصوات فسمع نداءها وهو في خلوته، وأخبر شيخه بما سمع فأمره بالرجوع إلى والدته ، وقال له: إن أدركتني المنية من بعدك فعليك بخدمة الشيخ عبد الرحمان باش طارزي تلميذه دفين قسنطينة، فكان الأمر كما ذكره، ولازم خدمة الشيخ باش طارزي إلى وفاته تمام سلوكه على يده.

وفي سنة 1232 هـ ...

أي في عمر 62 سنة سافر الشيخ بن عزوز لحج بيت الله الحرام مع تلامذته الكاملين: سيدي علي بن عمر الطولقي صاحب زاوية طولقة ، سيدي عبد الحفيظ الخنقي صاحب زاوية خنقة سيدي ناجي، وسيدي مبارك بن خويدم ، وكان الركب الذي سافر معه فيه سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان * قبل استيلائه على عرش الملك، فتعرف هذا الأخير بالشيخ بن عزوز لما رآه من كماله ولازمه إلى أن أصبح الشيخ ذات يوم متألما وتعطل سير الركب.

ولما بلغ خبره مسامع السلطان ...

تحير وعاده حينا وعالجه فشفاه الله، وقال له سيدي علي بن عمر الطولقي على لسان الشيخ : لما شفاني الله على يدك فادع بما تريد يستجب لك ، فقال: لا أريد الآن إلا ولاية الملك، وهي بعيدة عني إذ بيني وبينها سبعة رجال ، فقال الشيخ : ندعو الله أن تكون لك وإذا بالمملكة المغربية نزل بها وباء مات فيه السبعة، ولما آب السلطان من الحج وجد رجال دولته في انتظاره، فبايعوه وبقيت المكاتبات الودادية جارية بينهما، ثم إن الشيخ رجع من حجه ووجد الوباء ضاربا أطنابه في الزيبان، فكان هو آخر من استشهد به رضي الله عنه، وذلك سنة 1232 هـ، ودفن بقرية البرج، وبها الآن ضريحه، كان يأتيه الزوار من كل مكان.

وترك الشيخ ستة أولاد ...

كلهم مرشدون علماء صالحون، منهم سيدي مصطفى بن عزوز مؤسس زاوية نفطة بتونس الشيخ بن عزوز عليه رحمة الله آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر محبا للسلم والأمن، ولذلك كان الناس يدعونه للصلح بينهم في مشكلاتهم، ويطلب منه أمراء وطنه إخماد الثائرين، فيسعى في تليينهم بعظيم جاهه ولطف قوله، وكان حليما ذا أخلاق مسكية مع ما ألبسه الله من الهيبة والوقار، وتخرج على يده فحول منهم الشيخ سيدي علي بن عمر الطولقي مؤسس زاوية طولقة ، وسيدي عبد الحفيظ الخنقي صاحب زاوية خنقة سيدي ناجي، والشيخ سيدي المدني التواتي، وسيدي مبارك بن خويدم وغيرهم، ولهؤلاء أتباع ومريدون لا يحصون، حتى إنه قلما يوجد في القطر الجزائري الشرقي والتونسي وطرابلس الغرب وبنغازي من ليس منتسبا لطريقته بواسطة أو وسائط، بل كادت أن تسمى الطريقة الرحمانية بالعزوزية.

شهرته تغني عن التعريف ...

وكان ولده سيدي مصطفى بن عزوز، وحفيده المكي بن عزوز يقطنان الأستانة، ذكر ذلك الشيخ الكامل بن الشيخ المكي بن عزوز وللشيخ سيدي محمد بن عزوز أرجوزة سماها ( رسالة المريد في قواطع الطريق وسوالبه وأصوله وأمهاته ) وشرحا شرحا عجيبا مفيدا للغاية وهي عبارة عن تهذيب للنفس وقتل حيوانيتها الطبيعية، لكن قتلها عند الأخرويين في سبيل الله، وعند الدنيويين في سبيل الإنسانية، وذكر الحمد والمدح هل هما بمعنى واحد أو متغايران، وشرح بأن الحمد مخصوص بالحي، والمدح يعم الحي وغيره، وتطرق إلى الألف واللام في الحمد لله وشرح إنها لللاستغراق. إلى ماشابه ذلك من أمور في تعمقه في علوم الدين واللغة.


رحم الله شيخنا ابن عزوز .وأناله الجنة ، وجعلنا الله في زمرة المؤمنين العاملين لا الخاملين.

صورة للمسجد العتيق لا يزال قائما بمسقط رأسه برج بن عزوز
قدس الله سره ونور ضريحه


المصدر : كتاب تعريف الخلف برجال السلف للحفناوي.

تكملة الموضوع

سيدي عبد الرحمن باش تارزي: (ت 1222هـ = 1807م).

ضريح الولي الصالح سيدي عبد الرحمان باش تارزي


بسم الله الرّحمن الرّحيم

نبذة عن حياة الشيخ سيدي عبد الرحمن باش تارزي قدس الله سره


العلامة الفهامة الوليُّ الهمام الشيخ سيدي الحاج عبد الرّحمن بن أحمد بن حمودة بن مامش باش تارزي الجزائري منشأ القسنطيني دارا، ناشر الطريقة الرّحمانية في قسنطينة.

كان وحيد دهره علماً وحكمة واتقاناً وصلاحاً، ومن مؤلّفاته "عمدة المريد" في بيان الطريقة، لم ينسج ناسج على منوالها، و"المنظومة الرّحمانية" التي شرحها ابنه الشيخ سيدي مصطفى، وله بعض القصائد وموشحات غريبة، و"غنية المريد" في شرح نظم مسائل كلمتيّ التوحيد، وهي 45 مسألة، وفي شرحها من التحقيق ما يدل على أن الشيخ يتكلّم عن بصيرة وعلم لدني، وأحسن ما علق بذهني منه أن للهيللة ذكرين شرعي واصطلاحي، والشرعي له شروط عربية ولغوية ونحويّة وتجويدية، والاصطلاحي ليس له إلا شرط واحد قلبي، وهو استحضار المعنى عند ذكر الكلمة المشرّفة، سواء حصل الشرط العربي أو لم يحصل، وبهذا التقرير يرجع اللوم على من أبطل ذكر العوام أو الأمة.

وفي "الرّوض الباسم": صاحب الكرامات الظاهرة والأحوال الفاخرة، والحقائق الباهرة، والعلوم اللّدنية والمعاني النوراية، والفتح الموثق والكشف المشرق، والباع الطويل، والإيضاح عن حقائق الآيات، والنظر الخارق لعرائس المغيبات، والمجلس العالي في حضرة القدس، والمقر السامي في أرائك الأنس، والمنهاج الموطوء على متن

الملكوت إلى ملك الجبروت، وله اليد البيضاء في معاني المشاهدات وعلوم المنازلات، وهو أحد من أظهره الله إلى الوجود وصرّفه في الكون، وخرق له العادات، وأجرى على لسانه الحكم، ومكنه من الأحوال في النهاية، وملكه أسرار الولاية، ونصبه حجة وقدوة، وهو أحد أركان هذا الشأن علما وعملاً وزهداً وتحقيقاً ورئاسة وجلالة اهـ.



وللشيخ الابن سيدي مصطفى باش تارزي الذي تولى القضاء و التدريس والإفتاء وغير ذلك بمدينة قسنطينة , عدة رسوم تثبت أسلوبه القوي الواضح في معالجة المسائل وتبين بوضوح مقدرته الفائقة في تحرير الرسوم الشرعية كما أن له عدة رسائل منه وإليه يسأله الناس فيها عن أمور الشرعية الإسلامية لأن مركزه بعد وفات أبيه كشيخ للزاوية الرحمانية بقسنطينة جعله أهل لذلك خصوصا لسمعة الذائعة لهذه الزاوية في الجزائر , لأنها تنسب إلى الطريقة الرحمانية , والطريقة الرحمانة في ذلك الوقت تعتبر كوزارة تعليم وشؤون دينية وبالتالي لها قوتها النافدة في توجيه الشعب الجزائري , والطريقة الرحمانية في الجزائر سواء في قسنطينة أو غيرها من مدن الجزائر وقراها قد لعبت أدوارا مهمة في إشعال نار الثورات بالجزائر ضد المستعمر والمشاركة فيها.

توفي الشيخ سدي عبد الرحمان باش تارزي رحمه الله في حدود عام 1221هـ الموافق لعام 1806م ودفن بزاويته بمدينة قسنطينة، وضريحه المبارك يزار إلى اليوم.

وتوفي ابنه الشيخ سيدي مصطفى رحمه الله بقسنطينة سنة 1252 هـ الموافق لـ: 1836 م ودفن في الزاوية العليا أسكنهما الله فسيح جناته آميـــــــــــــن

والحمد لله رب العالمين
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي أحمد بن محمد العمالي ( 1227/ 1290هـ= 1812/ 1873م )



أحمد بن محمد العمالي، الملقب بـ "أحميدة"، من كبار علماء الجزائر في القرن التاسع عشر، ومن أشهر رجال الطريقة الخلوتية الرحمانية بالجزائر. ولد بالجزائر سنة 1227هـ= 1812م, أخـذ العلم عن: شيخ الجماعة ومفتي الجزائر محمد بن إبراهيم بن موسى، والعلاَّمة محمد بن الشاهدوالفقيه المحدث إمام الجامع الأعظم سيدي العربي، ومحمد بن الكاهية، ومصطفى بن الكبابطي.
أخذ الطريقة الرحمانية عن أبيه عن الشيخ الأزهري. ولـه إجازة من العلاَّمة السيد"مصطفى بن الحاج أحمد الحرَّار" وفي دوائر من سند المصافحة، وأخرى من العلاَّمة محمد صالح بن خير الله الرضوي البخاري في الحديث.
له تلامذة شتى منهم: المدرس محمد القزادري، وأحمد حفيد السعيد قدورة، الحسن ابريهمات شيخ المدرسة النظامية، محمد بن العلاَّمة حمدان بن العطار...
ولي الإفتاء بالجزائر سنة 1273هـ= 1856م. له ((رسالة في أحكام المياه))، ((رسالة في ترتيب القضاء))، وفتاوى عديدة.
توفي سنة 1290هـ= 1873م بالجزائر، ودفن بروضة الثعالبي بجنب ضريحه.



صورة قديمة ونادرة لضريحي سيدي عبد الرحمن الثعالبي وأحمد بن محمد العمالي قدس الله سرهما

المصدر : مركز القاسمي للدراسات والأبحاث الصوفية

-------------
صور قديمة لمسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي







ترجمة سيدي أحمد بن محمد العمالي رضي الله عنه:

نسبه و مولده:

هو الولي الصالح العلامة صاحب الكرامات سيدي حميدة بن محمد العمالي قدس الله سره ، ولد رضي الله عنه بالجزائر العاصمة سنة 1227 هـ / 1812 م و سمي بالعمالي نسبة إلى جبل عمال الواقع في مرتفعات الأطلس التلي القريب من العاصمة موقع أسرته الأصلي.
وكان أبوه من رجال العلم و الثقافة يتبع الطريقة الرحمانية ، تلقى العلم و الطريقة على يد الشيخ القطب سيدي محمد بن عبد الرحمان الأزهري رضي الله عنه ، وكان مقدما له.

دراسته و شيوخه:

حفظ حميدة العمالي القرآن الكريم على المؤدب الشيخ سيدي عمرو، وقد نوه به العمالي في كناشه حين وفاته سنة 1275هـ . تتلمذ لشيوخ عصره و اخذ عنهم العلم منهم مصطفى الكبابطي الذي أجازه في الحديث الشريف ، ومفتي الجزائر و شيخ الجماعة بها محمد بن الشاهد ، ومحمد واعزيز ، و اخذ عن الفقيه محمد العربي إمام الجامع الكبير في وقته . وقد أجازه الإمام المحدث المسند أبو عبد الله محمد صالح الرضوي البخاري أثناء زيارته للجزائر ، و الحاج حمودة بن محمد المقايسي ، كما أجازه في القراءات العالم احمد بن الكاهية ، و غيرهم من علماء الجزائر و مشايخها.
رغم فترة الجدب العلمي التي عرفتها الجزائر في ظل السيطرة الاستعمارية ،ومعظم هذه الإجازات في الحديث الشريف وخاصة الصحاح الستة و الموطأ ، ويذكر أصحاب التراجم أيضا أن حميدة العمالي قد حج ولقي عبد القادر بن يوسف القادري المعروف بحجة الإسلام أحد العلماء المشهورين بالحجاز في وقته و أخذ عنه.

الوظائف و المناصب التي تولاها:

تولى العمالي مناصب شرعية سامية ، ووظائف دينية عالية منها القضاء من سنة 1849 م الى سنة 1856 م، وكان هذا الوظيف من أكثر الوظائف خطورة في ذلك الوقت ، لأنه عملي ومتصل بمصالح الناس ومصالح الفرنسيين التي كثيرا ما تتعارض مما أدى به في الكثير من المرات إلى الاصطدام بهم و الثورة عليهم.تولى الفتوى سنة 1856 ، وهي السنة التي شغر فيها المنصب بوفاة الشيخ مصطفى القديري . وقد ظل في الفتوى الى وفاته سنة 1290هـ رحمه الله .
كما تولى الامامة في جامع الركروك ، ثم الامامة و الخطابة بالجامع الكبير الى جانب التدريس به ، وكان متمكنا من عدة علوم ، كالحديث والفقه والتوحيد ، وقد برز بصفة خاصة في الشرح و التعليق على صحيح البخاري و استخراجه للنكت و الفوائد الفقهية منه، كما كانت له مهارة في الأدب والبلاغة أيضا، وكان يدرس أحيانا ذلك على مختصر السعد.

تلاميذه :

تخرج على يديه الكثير من الطلبة ودرس و اخذ عنه شيوخ و علماء منهم:
- فهرست المنطوق و المفهوم كما كان يلقب ، القاضي المفتي حسن بريهمات (1821 م – 1884م )
- إمام المالكية محمد بن مصطفى بن زاكور.
- إمام الجامع الأعظم ،المسند محمد القزادري.
- الإمام و المدرس بجامع سيدي رمضان بالجزائر العاصمة، الشيخ محمد بن العطار.
- إمام المسجد الجامع بمدينة المدية ومفتيها الشيخ علي الفخار.
- مفتي مدينة وهران الشيخ علي بن عبد الرحمن.
- الكاتب البليغ ، العارف باللغة والتفسير محمد بن عيسى الجزائري ثم التونسي (1243 هـ - 1310هـ) الذي تولى رئاسة الكتابة العامة بالوزارة الكبرى ثم خطة الإنشاء بتونس.
و يذكر الذين ترجموا له أنه:" ... ورد عليه في درسه بالجزائر أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد النابلسي ، فحضر مجلسه ثم سأله عن إحدى المسائل النادرة ".
و غيرهم كثير ، و لذلك كان يعرف بشيخ الجماعة ، و التي لم يلقب بها من أقرانه إلا الشيخ عبد القادر المجاوي .

آثاره و مؤلفاته :

عرف عنه شغفه بجمع الكتب و اقتناء نفائسها و كذلك شراء و البحث عن نوادر المخطوطات، فكان مضرب المثل بين علماء المغرب يبذل في سبيلها المال و الجهد، و لم يقتصر على الجمع و القراءة فقط بل شارك في حركة التأليف فترك مجموعة من المؤلفات هي:
- فتاوي و محاورات فقهية بلغت أكثر من ثلاثمائة مسالة ، معظمها بينه و بين الشيخ علي مبارك احد علماء و أعيان مدينة القليعة.
- رسالة في أحكام مياه البادية
- تأليف في القضاء قال عنه الحفناوي : " اتصلت بتأليف من تاليفه في القضاء و تتبع فصوله و أنواعه ، و حلية القاضي و شروط القضاء " نسيج وحده .
اشتراكه في ترجمة قانون القضاء [ في سنة 1860 م عهد اليه مع مجموعة من زملائه منهم القاضي حسن بريهمات ، و الصحفي السياسي أحمد البدوي و محمد بن مصطفى بترجمة القانون الخاص بالمحاكم الاسلامية في الجزائر و هو القانون الذي اصدره نابليون الثالث في سنة 1859 م ].
- كراريس فيها فوائد و اخبار عن عصره و عائلته.
- فهرسة لمروياته و شيوخه و حياته العلمية.

وفاته :

توفي الشيخ العمالي رحمه الله سنة 1290 هـ / 1873 م ، و دفن بتربة الشيخ عبد الرحمن الثعالبي بالعاصمة ، و لم يخلف حسب من ترجموا له إلا ابنا اسمه بن حميدة علي كان من المدرسين ثم أصبح إماما بالجامع الكبير.

المصادر و المراجع:

- الحفناوي تعريف الخلف برجال السلف
- عبد الرحمن الجيلالي (تاريخ الجزائر العام) ، ج 4
- ابو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي ج 3 .
- موسوعة أعلام الجزائر من منشورات وزارة المجاهدين 2007م .
تكملة الموضوع

ترجمة سيدي مصطفى بن سيدي محمود 1864-1928

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد النبي الأمي و على أله و صحبه و سلم



حياة الشيخ سيدي مصطفى بن سيدي محمود 1864-1928 أحد أقطاب الطريقة الرحمانية:

هو:

الشيخ الولي الصالح سيدي مصطفي بن الشيخ سيدي محمود بن الشيخ سيدي الحاج محمد بن الشيخ سيدي محمود بن الشيخ الأكبر سيدي الحاج عبد الرحمان باش تارزي." زاده الله من بره و توفيقه, و سدده في سلوك طريقه بمنه أمين" لا زال هدا الرجل معروفا من شبابه بجمال العفة و حسن السمت و مكارم الأخلاق و الحياء التام و التواضع الفطري مع جميع الناس, اعتنى بتربيته أبوه الشيخ سيدي محمود ثم ابن عم جده الشيخ سيدي الحاج السعيد, فحفظ القرآن و قرأ العلم و تأدب بأدب الطريقة و شب على الأخلاق الكريمة اللائقة بمثله في كرم محتده و شريف تربيته و ما هو مترشح له من الجلوس على سجادة الطريق و تهذيب الإخوان حتى نال بدلك المنزلة الرفيعة من قلوب عارفيه عموما و أهل الطريقة خصوصا و في شهر رجب عام 1329 هـ ولى الخطابة و الإمامة بالجامع الأخضر الحنفي بعد وفاة عمه الشيخ سيدي السعيد الذي كان إماما خطيبا بالجامع الكتاني الحنفي و في شوال عام 1335 هـ جلس على سجادة الطريقة الخلواتية بعد وفاة عمه الشيخ البركة الحاج أحمد عليه الرحمة و الرضوان. و له في الادن بتلقين الذكر في الطريقة الخلواتية إجازتان بسندين يتصلان بالقطب الأكبر و الغوث الأشهر الشيخ سيدي محمد ( بفتح الميم) بن عبد الرحمان القشطولي الأزهري دفين الجزائر الذي أتى بالطريقة الخلواتية إلى وطن الجزائر من ديار مصر.

الإجازات:

الإجازة الأولى:

أجازه بها أبوه الشيخ سيدي محمود عن أبيه الشيخ سيدي الحاج محمد عن عمه العلامة الشيخ سيدي مصطفى شارح الرحمانية عن أبيه الولي الكامل الشيخ سيدي الحاج عبد الرحمان باش تارزي ناظمها عن القطب الأكبر سيدي محمد بن عبد الرحمان دفين الجزائر رحمهم الله تعالى و رضي عنهم.



الإجازة الثانية و الإجازة الثانية:

أجازه بها ابن عم جده الشيخ سيدي الحاج السعيد باش تارزي عن الولي الصالح الشيخ سيدي علي بن عيسى عن القطب الأكبر سيدي محمد بن عبد الرحمان رحمهم الله تعالى و رضي عنهم.

و هذا السند عال ليس فيه القطب الأكبر و الشيخ المجاز إلا واسطتان و لا يعرف مثله اليوم لمقدم خلواتي في وطن الجزائر.


أمين و السلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.
تكملة الموضوع

الشيخ عبد الحفيظ زبدي الدريدي


مسجد الصحابي الجليل سيدي عقبة بن نافع رضي الله عنه وأرضاه (بسكرة)الجزائر

الشيخ عبد الحفيظ زبدي الدريدي

ولد الشيخ عبد الحفيظ زبدي بسيدي عقبة سنة 1890 م نشا في أسرة متدينة تنتهج الطريقة الرحمانية وكان والده مقدما على هذه الطريقة حفظ نصف القرآن في صباه زاول دروسه الفقهية في جامع عقبة بن نافع على يد جمع من العلماء أمثال ' البشير بن عبد الرحماني العقبي وبن دايخة محمد منصوري وغيرهم....) ولما بلغ العشرين صار مقدما على إخوان الطريقة ( العثمانية ) الرحمانية بسيدي عقبة.

وفي بداية الخمسينات كان يخلف الإمام بن مبارك الهاشمي في الإمامة بمسجد عقبة بن نافع إلى أن توفي الشيخ الهاشمي فعين رسميا من طرف وزارة الشؤون الدينية للصلوات الخمس إلى أن توفي في ديسمبر 1975 م
تكملة الموضوع

اللبؤة الجزائرية البطلة الشهيدة لالا فاطمة نسومر



الصورة الوحيدة المعروفة للالا فاطمة نسومر


لالة فاطمة نسومر (1830-1863)

تظل « لالا فاطمة نسومر » نموذجاً فذاً لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان ، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل ،.فهذه المرأة استطاعت بكل ما تملك الأنثى من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة ،ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق ، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك ، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية . فهي قد نشأت في أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية ، فأبوها سيدي « محمد بن عيسى » مقدم الشيخ الطريقة الرحمانية ، وكانت له مكانة مرموقة بين أهله وكان يقصده العامة والخاصة لطلب المشورة وأمها هي لالا خديجة التي تسمى بها جبال جرجرة بالجزائر .

المولد:

ولدت لالا فاطمة بقرية ورجة سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية. لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر. و تذكر المصادر التاريخية ما كان للمرأة من خصائص تميزها عن بنات جبلها، من سحر الجمال و رقة الأدب و الذكاء الخارق.

النشأة:

نشأت لالا فاطمة نسومر في أحضان أسرة تنتمي في سلوكها الإجتماعي و الديني إلى الطريقة الرحمانية، أبوها سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الشيخ سيدي احمد امزيان شيخ الطريقة الرحمانية. كان يحظى بالمكانة المرموقة بين أهله، إذ كثيرا ما كان يقصده العامة و الخاصة لطلب النصح و تلقي الطريقة ، أما أمها فهي لالا خديجة التي تسمى بها جبل جرجرة و عند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف إذ قبلت به على مضض بعدما رفضت العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها من قبل ، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض و أظهرت كأن بها مسّ من الجنون فأعادها إلى منزل والدها و رفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها.

تصوفها و إنتسابها للطريقة الرحمانية:

آثرت حياة التنسك و الانقطاع و التفرغ للعباة، كما تفقهت في علوم الدين و تولت شؤون الزاوية الرحمانية بورجة. و بعد وفاة أبيها وجدت لالا فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناس فتركت مسقط رأسها و توجهت إلى قرية سومر أين يقطن أخوها الأكبر سي الطاهر، و إلى هذه القرية نسبت .تأثرت لالاّ فاطمة نسومر بأخيها الذي ألّم بمختلف العلوم الدينية و الدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية في المنطقة و أخذت عنه مختلف العلوم الدينية، ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل. قاومت الاستعمار الفرنسي مقاومة عنيفة أبدت خلالها شجاعة و بطولة منفردتين، توفيت في سبتمبر 1863، عن عمر يناهز 33 سنة.

جهادها ضد الغزو الفرنسي:



تصوير مطبوع يظهر لالا فاطمة نسومر أثناء القتال

برهنت فاطمة على أن قيادة المقاومة الجزائرية ليس حكر على الرجال فقط بل شاركت فيها النساء، و فاطمة نسومر شبت منذ نعيم أظافرها على مقت الاستعمار و مقاومتها له رغم تصوفها و تفرغها للعبادة و التبحر في علوم الدين التنجيم، إلا أن هذا لم يمنعها من تتبع أخبار ما يحدث في بلاد القبائل من مقاومة زحف الغزاة الفرنسيين و المعارك التي وقعت بالمنطقة لا سيما معركة تادمايت التي قادها المجاهد الجزائري الحاج عمر بن زعموم ضد قوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال بيجو سنة 1844، كما أنها لم تكن غافلة على تمركز الغزاة الفرنسيين في تيزي وزو بين 1845-1846، و في دلس 1847 تم محاولة الجنرال روندون من دخول الأربعاء ناث إيراثن عام 1850التي هزم فيها هزيمة منكرة . و لما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب بوبغلة في المقاومة و الدفاع عن منطقة جرجرة و في صد هجومات الاستعمار على أربعاء ناث إيراثن فقطعت عليه طريق المواصلات و لهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش و شيوخ الزوايا و القرى، و لعل أشهر معركة قادتها فاطمة نسومر هي تلك التي خاضتها إلى جانب الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين روندون و ماك ماهون فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيدة حيث أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا إضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الإنسحاب نحو بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا و وكالاء مقامات أولياء الله فجندوا الطلبة و المريدين و اتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين زوندون و يوسف التركي و معهما الباشا آغة الخائن الجودي، فاحتدمت المعركة وتلقت قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن الجودي بيدها كما استطاعت أن تنقذ من موت محقق زميلها في السلاح الشريف بوبغلة حينما سقط جريحا في المعركة.

بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون بتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القواة الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد اتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير و الإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لارحمة.



المارشال جاك لوي رندون 1795-1871


و لم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزام أو تقهقر أمام العدو أو تحصننا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قواة الجنرال ماكمهون القادمة من قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000 رجل و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حريريا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.

على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.

وفاتها:

و خوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال و نساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط و بقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض عضال تسبب في شللها.

رحم الله البطلة المقاومة لالا فاطمة نسومر و أسكنها فسيح جنانه.
تكملة الموضوع

سيدي محمد بن عبد الرحمن الجرجري قدّس الله سره

الشيخ الإمام والأستاذ الهمام الجامع بين الشريعة والحقيقة


وقد توجه إلى جامع الأزهر صغيرا، وتزوج في القاهرة، وكان شيخه سيدي محمد بن سالم الحفناوي المصري رضي الله عنه عالم زمانه، وفريد عصره وأوانه، فكرع من علومه الكسبية والوهبية ما جاد به الله تعالى عليه، ثم وجّهه إلى السودان لنشر الأوراد ونفع العباد، حيث أقام ست سنوات في دارفور يقرئ السلطان هناك، ونجحت دعوته في السودان نجاحا كبيرا، ثم أمره بالعودة إلى مصر ومن ثمّة صرفه إلى وطنه المفدى الجزائر لبثّ العلم وتربيــة الخَلق، بعد أن دعا له دعـوات ظهرت فيـه أسرارهـــا وسطعت عليه أنوارها.


فكان الشيخ الإمام والأستاذ الهمام الجامع بين الشريعة وطريقتها والولاية وحقيقتها، وصار لا يخاطب الناس إلا بما يفهمون مراعاة للحال والمقام، فانتفع بإرشاده الخواص فضلا عن العوام، وانجذب إليه أهل التل والصحراء، ودخل العاصمة فاحتفل به علماؤها وكانوا قد امتلأت أسماعهم من أخباره.
واشتهر أمره في القطر الجزائـــري، وانتـشر ورده بين النــاس إلى أن توفـي قـدّس الله سره سنــــــة 1208 هـ (1794م) في آيت إسماعيل ودفن بها ونقله أهل الجزائر خفية ذات ليلة إلى ضريحه قرب الحامة ببلوزداد، وصار يدعى “بوقبرين” رضي الله عنه.


ولم يترك ولدا من صلبه وإنما أولاده مشايخ طريقته الرحمانية، وكلهم أبا عن جدّ أقطاب كبار، وهم كثيرون في الجزائر وتونس والسودان وغيرها، منهم سيدي علي بن عيسى وتلامذته وتلامذتهم الكبار سيدي محمد أمزيان بن الحداد، وسيدي محمد بن أبي القاسم البوجليلي، والشيخ علي، وغيرهم نحو الأربعة والعشرين وليا، ومنهم سيدي عبد الرحمن باش تارزي شيخ سيدي محمد بن عزوز البرجي جد الشيخ المكي بن الشيخ سيدي مصطفى بن عزوز وتلامذته القطب سيدي علي بن عمر، وسيدي عبد الحفيظ الخنقي، وسيدي مبارك بن قويدر، والشيخ المختار بأولاد جلال وسيدي الصادق، وتلاميذه سيدي علي بن عمر مثل سيدي خليفة أستاذ سيدي علي بن الحملاوي، وسيدي مصطفى بن عزوز، وتلميذه سيدي علي بن عثمان وتلميذ الشيخ المختار سيدي الشريف ابن الأحرش، والقطب سيدي محمد بن أبي القاسم الشريف الهاملي، وتلامذته سيدي المكي بن عزوز وتلميذ الشيخ الصادق سيدي الحاج السعيد بن باش تارزي، والشيخ الحاج المختار وغيرهم من المشايخ الرحمانيين الذين يعدّون بمثابة نجوم زاهرة تسطع في سماء الجزائر وفضائها الثقافي.


وللشيخ محمد بن عبد الرحمن رسائل كثيرة في تعليم الخلق وإرشادهم إلى طريق الخير والحق.. ولكنها مع الأسف لم تطبع.
ومعلوم أن سجّل الطريقة الرحمانية في محاربة الاحتلال الفرنسي يرصّع بأحرف من نور تاريخ الجزائر كما هو شائع، وما تزال الزوايا الرحمانية المبثوثة في القطر الجزائري وغيره تشع بأنوارها وتسطع بأسرارها، ويعمّ نفعها البلاد والعباد.
فاللـهم أفـض على القطب الربّـاني سيــدي امحمد بـن عبـد الرحمن من كرمـك ووجــودك ما يرضيه وفوق الرضى ومتعنا بأسراره وأعد علينا من بركاته،آمين بجاه سيدنا الأمين عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأزكى التسليمات.


بقلم:

بلقاسم أبو محمد
تكملة الموضوع

.
مدونة برج بن عزوز © 2010 | تصميم و تطوير | صلاح |